مقدمة نحو التطبيع؟.. لجان مشتركة برعاية أمريكية لحل قضايا عالقة بين لبنان وإسرائيل

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بدأت إسرائيل ولبنان مفاوضات لحل النزاعات بينهما، برعاية أمريكية، وصفتها محافل إسرائيلية بأنها قد تكون مقدمة نحو التطبيع بين الجانبين، وهو ما نفاه مكتب الرئيس اللبناني.

لكن المفاوضات، التي شارك فيها لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، في الناقورة، الثلاثاء الماضي، والتي جاءت في إطار تثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين بإشراف اللجنة الخماسية، ستناقش مسألة ترسيم الحدود البرية بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان، وسط تصدّر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الإعلان عنها.

وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل اتفقت مع لبنان والولايات المتحدة وفرنسا على تشكيل مجموعات عمل لمناقشة خطة ترسيم الحدود اللبنانية-الإسرائيلية.

فيما قالت نائبة المبعوث الرئاسي الخاص، مورغان أورتاغوس، إن الولايات المتحدة تعلن أنها تعمل على تقارب بين لبنان وإسرائيل لإجراء محادثات تهدف إلى حل عدد من القضايا العالقة بين الجانبين دبلوماسياً.

وفي ختام الاجتماع، الذي عُقد الثلاثاء الماضي، أُعلن عن إنشاء ثلاث مجموعات عمل مشتركة لمناقشة القضايا الثلاث العالقة بين الجانبين، والتي تشكّل جوهر الخلاف بينهما، وهي:

  • حل إشكالية الترسيم البري بين الجانبين.
  • انسحاب الجيش الإسرائيلي من التلال الخمس التي لا يزال يسيطر عليها.
  • إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين الذين أسرهم جيش الاحتلال خلال الحرب.

أولاً: حل إشكالية الترسيم البري

عاد ملف ترسيم الحدود اللبنانية مع إسرائيل مجدداً إلى الواجهة، وذلك بعد توقّف المفاوضات بشأنه بسبب الحرب.

وتقول المسؤولة الأمريكية، مورغان أورتاغوس: "نعلم أن هناك 13 نقطة متنازعاً عليها على طول الخط الأزرق، وقد تم التوصل إلى اتفاق بشأن بعضها، لكن لا تزال العديد من النقاط بحاجة إلى تسوية دبلوماسية وسياسية".

وأوضحت أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركائها في أوروبا، لا سيما فرنسا وأطراف أخرى، تقود هذا المسار السياسي والدبلوماسي من خلال فرق العمل الثلاثة.

وفي ملف النقاط الـ 13 المتنازع عليها، كان قد أُنجز الاتفاق على سبع نقاط منها من خلال اللجنة الثلاثية، التي تضم لبنان وإسرائيل واليونيفيل، ولكن بعد الحرب والتوغّل الإسرائيلي، عادت الأمور إلى نقطة الصفر.

وإثر الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني عام 2000، تعثّر ترسيم الحدود عند ثلاث نقاط رفضت إسرائيل الاعتراف بلبنانيتها، وهي تقع بين مستوطنة مسكاف عام وبلدة العديسة، ومستوطنة المطلة وبلدة كفركلا، إضافة إلى الجزء الشمالي من بلدة الغجر.

المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق نهر الليطاني/عربي بوست<br>
المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق نهر الليطاني/عربي بوست

وعقب العدوان في يوليو/تموز 2006، استولى الاحتلال الإسرائيلي على مساحات جديدة، أخذت بالتوسع لاحقاً إلى عشر نقاط جديدة، أكبرها في خراج رميش والوزاني.

والنقاط هي عبارة عن بقع جغرافية، بعضها لا يتعدى الأمتار المعدودة، وأخرى تصل إلى 2000 و3000 متر مربع، وتبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 500 ألف متر مربع على طول الحدود.

وتتوزع النقاط الـ 13 على طول الحدود كالتالي:

  • الأولى في رأس الناقورة، والمعروفة بالنقطة B1.
  • ثلاث نقاط في بلدة علما الشعب.
  • نقطة في كل من البلدات الحدودية التالية: "البستان، مروحين، رميش، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، العديسة، كفركلا، وصولاً إلى الوزاني".

كما يطالب لبنان باستعادة الجزء الشمالي من بلدة الغجر، المقسّمة إلى قسمين، ومناطق حدودية من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

ويبني لبنان تصوّره بشأن تثبيت الحدود الجنوبية بموجب اتفاقية بوليه-نيوكومب عام 1923، ولا يزال يتمسك بها حتى اليوم.

لكن إسرائيل تسعى إلى فرض الأمر الواقع عبر تحويل الخط الأزرق، الذي أُقرّ كإجراء مؤقت بانتظار ترسيم رسمي للحدود، إلى حدود دائمة.

ونقلت جريدة "الأخبار" اللبنانية، المقرّبة من حزب الله، عن مصادر أن لبنان جاهز للترسيم البري، وهناك خشية من مفاوضات تؤدي إلى خسارة مساحات مستحقة له، على غرار ما رافق الترسيم البحري، الذي أفقده مساحات واسعة من البحر.

ثانياً: التلال الخمس التي تحتلها إسرائيل

في 18 فبراير/شباط 2025، انسحب الجيش الإسرائيلي من قرى في جنوب لبنان، مع انتهاء المهلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي، لكنه بقي في خمس تلال تقابل مستوطنات إسرائيلية، يقول إنه يريد الاحتفاظ بها، رغم رفض السلطات اللبنانية وحزب الله.

ويتمسك الاحتلال الإسرائيلي بخمسة مرتفعات في الجنوب اللبناني، وهي:

  • تلة الحمامص في القطاع الشرقي.
  • تلة العويضة وتلة العزبة في القطاع الأوسط.
  • جبل بلاط وتلة اللبونة في القطاع الشرقي.
خارطة توضح المواقع الخمسة في جنوب لبنان/ عربي بوست
خارطة توضح المواقع الخمسة في جنوب لبنان/ عربي بوست

وتشكل التلال الخمس أهمية استراتيجية، كونها تقع في مقابل المستوطنات الحيوية للاحتلال الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة.

وتقول جريدة "الأخبار" اللبنانية إن الاحتلال، في الاجتماع الأخير، عاد إلى التلويح باستبدال قواته بقوات دولية معززة، ومن المطالب التي تروّج لها اللجنة تشييد عدد من أبراج المراقبة على طول الحدود الجنوبية والشرقية.

ثالثاً: إطلاق سراح أسرى لبنانيين

وستعمل مجموعات العمل المشتركة على إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه البري الأخير.

والخميس، أعلن الجيش اللبناني تسلّمه عسكرياً كان الاحتلال قد احتجزه الأحد الماضي.

وكان مكتب نتنياهو قد ذكر أن إسرائيل ستفرج عن خمسة لبنانيين، كـ"بادرة نية تجاه الرئيس اللبناني".

فيما أعلنت الرئاسة اللبنانية أنها تسلّمت أربعة معتقلين احتجزتهم القوات الإسرائيلية خلال الحرب.

وبحسب مصادر إعلامية لبنانية، فقد تبقى سبعة أسرى مدنيين اعتقلوا منذ 19 ديسمبر/كانون الأول 2024، إضافة إلى سبعة معتقلين يقول الاحتلال إنهم مقاتلون في حزب الله.

3 نقاط شكّلت أرضية للمفاوضات

تشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى ثلاث نقاط تحوّل تشكّل أرضية للمفاوضات بين لبنان وإسرائيل، وهي:

  • ضعف حزب الله بشكل كبير، حيث تسبب ذلك في خلق الظروف لأول مرة لإحداث تغيير سياسي وعسكري جوهري في لبنان، وترى الصحيفة أن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد يبيّن أن المنظمة اللبنانية لم تعد العامل العسكري والسياسي المهيمن.
  • الدعم الأمريكي من خلال رجل الأعمال اللبناني المسيحي مسعد بولس، الذي يريد إنقاذ لبنان من الأزمة العميقة التي يعيشها منذ سنوات، وفي ذات الوقت، فهو على استعداد للتحدث مع إسرائيل والاستماع إلى ما تريده.
  • الرغبة القوية لدول عربية "سنية معتدلة" في مساعدة لبنان سياسياً واقتصادياً، يتم خلالها تعزيز الجيش اللبناني تحت قيادة مسيحية وسنية تحافظ على الأمن الداخلي، بما في ذلك منع تهريب الأسلحة إلى حزب الله من سوريا.

ويقول معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي إن القضايا المطروحة للنقاش هي في جوهرها نفس القضايا التي يسوّقها حزب الله كمبررات رئيسية "لوجوده كميليشيا عسكرية مستقلة".

ورأى المعهد الإسرائيلي أن إسرائيل والقيادة الجديدة في لبنان يشتركان في مصلحة مشتركة تتمثل في الحفاظ على وقف إطلاق النار، ومنع تعافي حزب الله عسكرياً وداخلياً، وبالتالي فإن انتزاع تنازلات إسرائيلية في هذه القضايا يخدم القيادة اللبنانية في صراعها الداخلي ضد حزب الله.

عناصر من حزب الله اللبناني/رويترز
عناصر من حزب الله اللبناني/رويترز

وأشار إلى أنه، في ظل هذه الظروف، فإنه من الضروري أن:

  • تشترط إسرائيل الانسحاب من التلال الخمس التي استولت عليها خلال الحرب باستكمال الجيش اللبناني انتشاره في المنطقة، وإظهار قدرته واستعداده للقضاء على أي وجود عسكري آخر في جنوب لبنان.
  • ضمان استمرار حرية عمل الجيش الإسرائيلي في مواجهة تهديدات حزب الله.
  • الإصرار على أن يكون الترسيم الدائم للحدود البرية، الذي يستلزم تنازلات إسرائيلية في نقاط متنازع عليها، جزءاً من اتفاق شامل بين إسرائيل ولبنان.
  • ينبغي أن يتضمن الاتفاق نزع سلاح حزب الله بالكامل.
  • إجراء تغييرات في العلاقات الرسمية بين إسرائيل ولبنان.

هل تشكيل اللجان مقدمة نحو التطبيع بين لبنان والاحتلال؟

نفت مصادر في مكتب الرئيس اللبناني، الأربعاء 12 مارس/آذار 2025، مزاعم إسرائيلية بأن المناقشات الجارية قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين، بحسب مصادر إعلامية لبنانية.

جاء ذلك بعدما صرّح مسؤول إسرائيلي كبير بأن إسرائيل تسعى لتطبيع العلاقات مع لبنان، مضيفاً: "لقد غيّرت سياسات رئيس الوزراء الشرق الأوسط بالفعل، ونريد مواصلة هذا الزخم وتحقيق التطبيع مع لبنان"، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم".

وذكر المسؤول الإسرائيلي أنه رغم أن المحادثات شملت ممثلاً عن الجيش الإسرائيلي، فقد تم الاتفاق على أن تشمل المناقشات المستقبلية ممثلاً عن الحكومة.

جوزيف عون رئيس لبنان الجديد - عربي بوست
جوزيف عون رئيس لبنان الجديد – عربي بوست

وتابع بأن "ذلك يشكّل أمراً صعباً بالنسبة للرئيس اللبناني الجديد سياسياً في البلاد، ولذلك أفرجت إسرائيل عن خمسة معتقلين لبنانيين، ليتمكّن من عرض الأمر على شعبه، والقول إنه أعادهم دون إطلاق رصاصة واحدة".

ولا يخفي المسؤول الإسرائيلي أن الخطوة تهدف إلى تقوية الرئيس اللبناني في مواجهة حزب الله وحركة أمل، على أمل تحقيق التطبيع مع لبنان، ولذلك تم إنشاء مجموعات العمل "وسنواصل المحادثات".

وأكد أن نقل المحادثات في إطار التمثيل الدبلوماسي هو خطوة أولى نحو "اعتراف لبنان بإسرائيل".

في هذا السياق، ذكرت جريدة "الأخبار" اللبنانية أن ما كشفته أورتاغوس والإعلام العبري يؤكد أن واشنطن وتل أبيب تتشاركان الهدف ذاته من العدوان على لبنان، وهو التأسيس لحقبة جديدة من خلال إنتاج سلطة موالية لا ترفض طلباً للأمريكيين، وتكون أداة مساعدة لانضمام لبنان إلى اتفاقيات التطبيع.

وأوضحت أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، تريد استغلال الوضع اللبناني الحالي لتعزيز مصالحهما، خصوصاً أن الجميع يتعامل مع حزب الله على أنه في "حالة ضعف"، وحيث يقود تقييم الأمريكيين للوضع الجديد إلى قناعة بأنهم باتوا يستطيعون الانخراط في كل تفاصيل الملف اللبناني من بوابة الجنوب، وفرض شروط سياسية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق