نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دراما رمضان وضياع الصيام - بوابة مولانا, اليوم السبت 1 مارس 2025 11:34 مساءً
السبت 01/مارس/2025 - 11:18 م
ها نحن نستقبل شهر الرحمة والمغفرة، شهر رمضان الكريم، الذي يمثل فرصة عظيمة للعبادة والطاعة، ولكننا لا نجد أنفسنا في أفضل حال في استغلال هذه الفرصة، حيث مازال العديد منا في غفلة، ولم نغتنم وقته في العبادة كما ينبغي.
بدلًا من ذلك، نجد أن الوقت يتسرب من بين أيدينا بسبب الانشغال بمسلسلات وبرامج غير هادفة تسرق منا جوهر الشهر الكريم، صحيح أننا نصوم عن الطعام والشراب، لكننا نجد أنفسنا غارقين في مشاهد لا تمت للروحانيات بصلة، فبدلًا من الطاعة نجد أنفسنا متورطين في متابعة مسلسلات تعرض العري والراقصات، وتستعرض لنا قصص المنحرفين، الخائنين، وتجار المخدرات بمشاهد درامية مؤسفة عنوانها الخلاعة والإسفاف والانحدار الأخلاقي.
من المثير للأسف أن هذه الشخصيات السلبية قد أصبحت نماذج يحتذى بها في المجتمع، وأصبح هؤلاء النجوم هم قدوة شبابنا وفتياتنا، هذا النوع من البرامج والمسلسلات التي تعج بالتفاهة والركاكة قد أفسدت المتعة الحقيقية للصيام، الذي عرفه الفقهاء في اللغة بأنه الإمساك، واصطلاحًا الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وهو ما يشير إلى أن صيامنا لا يكتمل إلا إذا صمنا عن الشهوات الحسية والمعنوية، وهذا لا يتفق أبدًا مع متابعة مسلسلات لا تحمل قيمة دينية أو اجتماعية، مثل تلك التي تقدمها برامج التوك شو والمسلسلات الخالية من أي رسائل إيجابية.
وما يزيد من حجم المشكلة أن هذه البرامج أصبحت تمثل جزءًا من الروتين اليومي لعدد كبير من الناس، فبدلًا من استثمار الوقت في العبادة، أصبحنا نضيع ساعات طويلة في متابعة مشاهد العنف والمجون والتهريج، وبدلًا من أن نغتنم هذه الفرصة لتطوير أنفسنا والابتعاد عن الكبائر والمعاصي، نجد أنفسنا في دوامة من العادات السيئة التي تؤثر على حياتنا الروحية والجسدية.
إننا نعيش في عصر أصبح فيه الترفيه السطحي يشغل عقولنا، ويسرق منا الوقت الذي من المفترض أن تخصصه لعبادة الله، وأعمال الخير والطاعات، لقد ضاعت منا فرص عظيمة للتوبة، والعمل الصالح، والعودة إلى الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها، وإذا استمرينا في هذا المسار، فإننا سنغادر هذه الدنيا دون أن نحقق فطرة الله التي فطرنا عليها، وهي عبادته واتباع دين الإسلام الحنيف.
من المؤسف أن الدراما التي تُعرض في رمضان لا تركز على تقديم نماذج مشرفة للشباب، بل إنها تهمل تسليط الضوء على قصص النجاح الحقيقية التي يمكن أن تكون قدوة للشباب.
هناك العديد من النماذج المشرفة من الأطباء والعلماء والشباب المتفوقين الذين يقدمون إسهامات رائعة في مجالاتهم، لماذا لا نرى دراما تبرز هذه النماذج وتحث الشباب على الاقتداء بها، لماذا لا نتعلم من قصص النجاح في العلم والعطاء بدلًا من الوقوع في فخ القيم السلبية التي تروجها بعض المسلسلات؟
وفي هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل عن الشخصيات الاستثنائية مثل السير مجدي يعقوب، الذي يمثل نموذجًا حيًا للعطاء والتفاني في خدمة الإنسانية، وسيرته تعد مثالًا نادرًا في التفاني والعطاء، ولم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه في الدراما المصرية، رغم أنها تحمل رسائل عظيمة للشباب، فلو عرضنا قصص هؤلاء الأبطال الذين قدموا لوطنهم وللإنسانية، لربما شجعنا الشباب على السير في طريق النجاح والإبداع بدلًا من الانشغال بالعادات السلبية.
لقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإفراط في الأمل وحب الدنيا، وأوصانا بتقوى الله، وحسن الاستفادة من الأوقات الثمينة، خصوصًا في شهر رمضان، فلنتوقف لحظة، ونفكر في كيفية استثمار هذا الشهر الكريم في طاعة الله، بعيدًا عن التفاهات التي لا تضيف لحياتنا شيئًا سوى الضياع،والانحلال الأخلاقي الذي أصبح عنوانا لكل لمختلف فئات المجتمع.
0 تعليق